top of page

هل اعترف العلم أخيرا بمركزية موقع الارض

  • ناصر الزايد
  • 4 نوفمبر 2022
  • 10 دقائق قراءة

هل اعترف العلم أخيرا بمركزية موقع الارض

أ.د. ناصر بن صالح الزايد

في بداية النهضة العلمية وقفت الكنيسة ضد العلم، ورفضت معطياته حتى لو كانت مثبتة بالتجربة العلمية. وفي ذلك الوقت ظهر عالم اسمه نيكولا كوبيرنك وزعم أن الأرض ومعها المجموعة الشمسية ودرب التبانة (المجرة التي تنتمي إليها الأرض) كلها لا تحمل أية أهمية خاصة ولا توجد في موقع له أهمية ما، بل إن الأرض مجرد كوكب مرمي في مجاهل الكون مثله مثل أي جرم آخر. وهو ما صار يعرف بمبدأ كوبيرنك. وهذا المبدأ يقول بأن الكون ذو طبيعة متشابهة نسبيا أينما ذهبنا ولا يمكن تمييز ما هو أعلى أو أسفل أو يمين وشمال. وكان هذا مصادما للكنيسة التي تزعم أن الأرض في مركز الكون وأن لها موقعا مهما وخاصا. ولذلك كانت الكنيسة تعتبر هؤلاء العلماء مصدرا للشر ويصل الحد إلى إحراقهم وهم أحياء.

اليوم تمكن العلم من الوصول إلى مؤشرات قوية تؤكد مركزية موقع الأرض بالنسبة للكون بأجمعه كما سوف نبين، بحيث يظهر أن المستوى الذي يجمع دوران الأرض والشمس هو في الحقيقة محور للكون برمته، بحيث يظهر الكون كله متمحورا حوله. وحيث إن المجتمع العلمي يرفض – بناء على مبدأ كوبرنك – فكرة ان الأرض يمكن أن تكون مركزية أو أن لها أية خصوصية، فقد أطلق على هذا المحور: محور الشر Axis of Evil، لأنه يدمر النظريات التي طالما قدسوها وكتبوا عنها وتشربوها، وهو توجه مشابه لتوجه الكنيسة سابقا، في مقت ورفض كل ما يخالف أو يزعج عقيدتهم الإلحادية المبنية على فرضيات علمية.

لقد عاد الأمر أو كاد إلى المربع صفر! ولكن بصورة معكوسة، ففي الجولة الأولى وقفت الكنيسية ضد ما كانت تسميه بالهرطقة العلمية، والتوجه اليوم هو في وقوف العلم (على الأقل في جانب الكونيات) ضد من يحاول أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء! لان في ذلك انتكاسة قد تكسر كبريائه وغطرسته القديمة ضد الألوهية وكل ما يمت لها بصلة، فعن أي مركزية تتحدثون؟ هل تعنون أننا سنقبل برأي الكنيسة؟ أو رأي الدين بشكل أعم؟ اي نقبل بأي شيء ينسب للإله؟ هيهات! هكذا يقول حالهم.

الموضوع يطول في إثبات مركزية موقع الأرض بالنسبة للكون عندما تكون مصادرنا شرعية، فالأمر محسوم وبدرجة واضحة لا تقبل أدنى شك، ولكن هنا نريد أن نستعرض ما توصل إليه العلم في آخر اكتشافاته. ومع ذلك فلا مانع من تلخيص الموضوع بناء على النصوص الشرعية.

الدليل الأول: لقد تحدث القرآن كثيرا عن الأرض، والسموات، ومرات الأرض والسماء. ومرات السماوات والأرض وما بينهما. فهي ثلاثة أشياء: سموات + أرض + ما بينهما. وحيث إن الارض في اللغة العربية هي الجزء الأسفل، قال في المعجم الوسيط: أرْض الشيء: أسفله، وهي مؤنثة. وقال في مختار الصحاح: الأَرْضُ مؤنثة وهي اسم جنس وكان حق الواحدة منها أن يقال أرضة ولكنهم لم يقولوا ... وكل ما سفل فهو أرض. وقال في تاج العروس: التَّأْرِيضُ : " أَنْ تَجْعَلَ في السِّقَاء " أَي في قَعْره " لَبَناً أَو ماءً أَو سَمْناً أَوْ رُبّاً. فجعل أسفل السقاء أرضا بالنسبة لباقيه. وفي لسان العرب: ... وكل ما سفَل فهو أَرْض.

ومعنى ذلك أن تسمية الله – سبحانه وتعالى – لها بالأرض دليل أنها أرض لكل ما عداها (وهو السماء أو السموات)، وهي لا تكون كذلك إلا أن تكون مركزية الموقع بحيث لا يكون شيء أسفل منها، أي يكون كل شيء آخر فوقها. ومركزيتها لا يمنع أن تكون متحركة ولكن في منطقة مركزية بحيث تظل في اسفل كل ما عداها من الأجرام والأكوان. ومهم جدا أن نعلم مصطلحات القرآن وأساسيات اللغة العربية التي يتبعها القرآن. ففي الصورة الكروية للكون، يصبح كل ما يعلو الأرض هو سماء، وهو فوق، والاتجاه بعيدا عن الأرض هو الاتجاه للأعلى، وعكسه هو الاتجاه للأسفل. وهذه الصورة متطابقة مع ما يسمى بلغة العلم (إطار الإسناد)، حيث إن إطار الإسناد يعرف المسافة والبعد والاتجاه وبالتالي يعرف الموقع بصورة دقيقة (نسبة لإحداثيات ذلك الإطار). وبذلك نفهم عبارات تتكرر في القرآن مثل الرفع (فهو باتجاه الأعلى أي باتجاه مبتعدا عن المركز وهو موقع الأرض)، ومثل التنزيل (أنزل علينا حجارة من السماء)، (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به)، فهي آيات تعتبر ما فوقنا (فوق الأرض) يعتبر مرتفعا وما يأتينا من ذلك الاتجاه فهو ينزل إلينا، لأن النزول في العربية يعني الاتجاه للأسفل.

الدليل الثاني: قوله تعالى: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ(11)فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12).

ووجه الدلالة من الآيات أن الله – سبحانه وتعالى – تحدث عن خلق الأرض أولا، ثم استوى إلى السماء (كل ما عدا الأرض) وهي (الواو للحال) بصورة دخانية (كل ما يمكن تشكله) أي أن هذه المادة الدخانية تحيط بالأرض كالبياض بالنسبة للصفار في البيض، فقضاهن سبع سموات، تمثل طبقات متداخلة تحيط بالأرض بشكل متناسق. وكل ما تشاهده العين أو يرصده التلسكوب إنما هو جزء من السماء الدنيا فحسب. ويؤكد هذه الرؤية الدليل الثالث.

الدليل الثالث: قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30). أي أن السماوات كانت تحيط بالأرض وتلتصق بها (أنظر الدليل الثاني) فكانتا مرتوقتين، أي ملتحمتين، قال في معجم اللغة: مرتوق، منسدّ، ملتحم خلقةً كان أم لا. وهذا الدليل مع الدليل السابق يوضحان الصورة الأولى والثانية: الأولى فيها الأرض و معها السماء بصورتها الدخانية ملتحمة مع الأرض (التي لا تكون أرضا إلا أن تكون هي السفلى أي المركزية)، وفي الصورة الثانية تم الفتق فانفصلت السماء عن الأرض وقضى ربك أن تكون سبع طبقات.

وفي هذا كفاية للتدليل على مركزية موقع الأرض من الوجهة الشرعية، وبالتالي اختيار الله للإنسان عندما خلقه أن يعيش في هذا المكان تحديدا مع دلالات أخرى ربما نشير إليها لاحقا. ونعود الآن إلى موضوعنا وهو المؤشرات العلمية الحديثة على صدق القرآن في وضعه الأرض في مركز الكون.


كان العلم وما زال يصر على أن موقع الأرض لا يحمل أية ميزة خاصة بالنسبة للكون كما سبق توضيحه بناء على مبدأ كوبيرنك أو بحسب النموذج الاساسي. ولكن، وفي إطار الدراسات التي تبحث عن أصل الكون، وخاصة ما يتعلق بنظرية الانفجار العظيم (بق بانج) وبصماتها التي ما زالت – بحسب النظرية – باقية في ثنايا الكون خاصة المناطق البعيدة جدا (بالنسبة للأرض !)، فقد لجأ العلماء لدراسة أشعة الخلفية الكونية القادمة من تلك المناطق باتجاه الأرض وقاموا بتحليلها، ومطابقة نتائجها مع النماذج الرياضية، وكان لهم في ذلك جولات وصولات،


انتهت بالحصول على قراءات دقيقة، وتم التخلص من الأشعة المحلية Foreground Radiation (الأشعة القادمة من مجرتنا ومن مكوناتها المختلفة) بحيث ظهرت نتائج دقيقة و حاسمة في مجالها كما سوف يتبين لنا.


ونية) Cosmic Background Explorer ويعرف اختصارا بـ كوبي COBE. ظل هذا القمر يرصد معلومات عن هذه الأشعة الكونية حتى العام 1993 م، وحظي اثنان من القائمين على هذا المشروع بجائزة نوبل في الفيزياء للعام 2006 وهما جورج سموت George Smoot و جون ماذر John Mather مقابل ملاحظاتهما المميزة. من أبرز نتائج هذا المشروع إعطاء مؤشرات تدعم نظرية الانفجار العظيم Big Bang خاصة ما يتعلق بطبيعة الإشعاع الذي يشبه لطبيعة إشعاع الجسم الأسود Black Body Radiation، وما يتعلق بالتباين في التوزيع الطيفي لهذا الإشعاع.

تلا مجس كوبي مجس آخر أحدث منه وهو مجس (ويلكنسن لقياس التباين الميكروموجي): Wilkinson Microwave Anisotropy Probe (WMAP)، والذي سوف نختصر اسمه بـ: مجس ويلكنسن، وهو مجس تم تحميله على مركبة فضائية بجهود مشتركة بين وكالة ناسا الفضائية وجامعة برنستون الأمريكية تحت قيادة عالم الفيزياء تشارلز بينيت Charles L. Bennett. ظل المجس يقوم بقياساته للأشعة الكونية القادمة من أطراف الكون البعيدة منذ العام 2001 وحتى 2010 م. أي أنه كان يقيس التباينات الحرارية في الخلفية الإشعاعية الكونية CMB من جميع الاتجاهات المحيطة بالأرض على مدى عقد من الزمان تقريبا. وبغض النظر عن مصدر هذه الأشعة الضعيفة وما إذا كانت من بقايا الانفجار العظيم Big Bang أو غيره، فهي تصل من أطراف الكون ولذلك فعمرها قريب من عمر الكون، أي أنها تصل للتو من أطراف الكون الذي يقدر عمره بـ 13.8 مليار سنة (لأن المسافة الزمنية إلى أطراف الكون هي نفسها عمر الكون).

بعد تقاعد هذا المجس العملاق وبعد ظهور نتائجه الأولية، تم إطلاق مجس آخر هو مجس بلانك Planck وهو مشروع مدعوم من قبل وكالة الفضاء الأوروبية وظل يعمل بين 2009 و 2013 حيث كان يقيس التباين الحراري في الأشعة الكونية القادمة من أطراف الكون ضمن ترددات الميكروويف و الأشعة تحت الحمراء ولكن بدقة عالية وزوايا مسحية قياسية صغيرة (إمكانية اكبر للتعرف على الفوارق الضئيلة بين الأشياء).

يشار إلى أن هذه المشاريع وتلك المجسات ليست هي الوحيدة وإنما هناك غيرها ولنفس الأهداف وفترات عملها متزامنة تقريبا مع عمل بعض مما ذكرنا وأعطت دلائل متفقة مع نتائجها كذلك بالرغم من اختلاف مبادئ عملها. منها على سبيل المثال (ماسح سلوان الفضائي الرقمي) Sloan Digital Sky Survey، وسبب نسبته (لسلوان) هو أنها الجهة الداعمة ماليا للمشروع. وهو عبارة عن تلسكوب بصري يبلغ عرضه 2.5 مترا، موجود في أحدى محطات الرصد الكوني في ولاية نيو ميكسكو الأمريكية ويعتمد على المسح على اساس الإزاحة الطيفية باتجاه الأحمر redshift survey وقد ظهرت أولى بياناته في العام 2000.

على اثر هذه الاكتشافات امتلأت المجلات العلمية ومواقع الإنترنت بالأوراق العلمية التي نشرت تباعا وما زالت. ويروى عن العالم الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنج تعليقه على هذه الأخبار قائلا "إن هذا الاكتشاف هو اكتشاف الألفية إن لم يكن اكتشاف الزمان كله". وقال أحد اشهر علماء الكونيات، وهو الأمريكي لورانس كراوس Lawrence Krauss في أحد مقالاته [[1]] "ولكنك عندما تدقق في الخارطة الكونية التي رسمتها اشعة الخلفية الكونية، فإنك تخرج كذلك بصورة عن بنية الكون بحيث تظهر هذه البنية بشكل غريب متطابق مع مستوى مجموعة الأرض والشمس. هل هذا كوبيرنك يطاردنا من جديد؟ إن هذا أمر غبي! إننا ننظر للكون برمته، إننا نرفض فكرة الإقرار بارتباط بنية الكون بهذا المستوى، لأنه يقول حرفيا إننا سنكون في مركز الكون"

لقد تظافرت نتائج هذه الأقمار والمجسات والتلسكوبات حول موضوع غاية في الأهمية، وحول قضية تمثل صاعقة قوية في أذن علماء الكونيات المشتهرين بالإلحاد، وهو أن الكون يتمحور حول المستوى الذي يمثل مستوى المجموعة الشمسية، وأن الأرض التي تقع ضمن هذا المستوى هي سيدة هذا الكون بلا منازع حيث تقع في منطقة المركز تماما !! مناقضا بذلك ما ظل يعتقد بأن المجرة والأرض تبع لها تقع في مكان غير محدد من الكون (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا). إن أهمية هذا الاكتشاف هو كونه أضاف محاور للكون فصار هناك أعلى وهناك أسفل وصارت الاتجاه ذات دلالة مخالفة بذلك نظريات كوبيرنك والنموذج الأساسي للكون.

فكيف تم ذلك؟

نكرر مرة أخرى بأن هذه الأجهزة قامت بقياس التباين في درجات حرارة الكون بناء على خصائص الأشعة التي تقوم باستلامها. بشكل عام هناك عدة أمور تجعل النتائج اكثر دقة. أولها زاوية القياس المسحي، ففي حين كانت الزاوية هي 7 درجات في حالة مجس كوبي، فإنها كانت 0.5 درجة في حالة مجس ويلكنسن، أما مجس بلانك فقد كان مميزا بالفعل حيث كانت الزاوية فقط 0.07 درجة. كلما كانت الزاوية أقل كانت القدرة على رسم صورة أكثر دقة ووضوحا. من جهة ثانية فقد تطورت الشرائح الترددية المستخدمة في المسح من 4 في كوبي مرورا بخمس شرائح في ويلكنسن حتى وصلت إلى 9 شرائح في مجس بلانك الأوروبي. أقصى تباين حراري تمكن مجس كوبي من ملاحظته هو 70 µK (بمعنى أنه يميز بين جهتين تختلفان في درجة الحرارة بما مقداره 70 ميكرو كلفن) في حين أن دقة مجس بلانك مكنته من قياس فروق تصل إلى 5 µK مما يلغي احتمالية وجود أخطاء إحصائية في البيانات.

لا يخفى مما سبق أن الدقة العالية في الرصد وتسجيل التباينات الحرارية تمكن العلماء من استبعاد الأثار الأخرى بشكل أفضل، على سبيل المثال آثار المكونات الكونية الأخرى. عندما تم إطلاق قمر بلانك كان الغرض منه التأكد من النتائج التي حصل عليها كل من كوبي و مجس ويلكنسن، فقد تم تحاشي الأخطاء، وتدقيق البيانات، واستخدام معايير دقيقة كما في الأعلى أفضل مما سبق. وهذا يعني أن نتائج بلانك حاسمة في الموضوع، وتقطع الشك باليقين.

مخلص بيانات مجس بلانك تم ذكره تحت صورة الكون المبنية على تلك النتائج والموجودة في موقع وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ESA [[2]] وهي الصورة التالية:


وهو كما يلي: "سمتان أساسيتان من سمات أشعة الخلفية الكونية CMB غير المألوفة أشار لهما سابقا كل من مجس كوبي ومجس ويلكنسن التابعين لوكالة ناسا الفضائية، قد تم التأكد منهما عن طريق القمر الصناعي بلانك ولكن بدقة أكبر. أحد هاتين السمتين هي عدم التطابق الكامل في قراءات التباين الحراري لنصفي الكرة الكونية الشمالي والجنوبي (نسبة إلى مستوى دوران المجموعة الشمسية) كما يبين ذلك الخط الأبيض المنحني في الصورة، حيث كان متوسط التوزيع الحراري في النصف الجنوبي أعلى قليلا من متوسط التوزيع الحراري في النصف الشمالي. إن هذا يتعارض مع تنبؤات النموذج الأساسي Standard Model الذي يضع ضمن مسلماته أن الكون متجانس في كل صفاته بغض النظر عن الاتجاه أو الجهة التي يتم دراسة صفاتها. هناك أيضا بقعة باردة تمتد عبر مساحة واسعة من الفضاء هي أكبر كثيرا مما كان يظن ومعلم عليها في الصورة بدائرة بيضاء. في الصورة تم تلوين المناطق المتباينة بألوان مختلفة حتى تظهر بوضوح أمام القارئ". انتهى مع الترجمة

إذن فقد قام سابقا مجس كوبي وتلاه بعد ذلك مجس ويلكنسن ثم أكد ذلك بدقة عالية مجس بلانك بدراسة التوزيع الحراري للكون بناء على معلومات الأشعة الكونية الواصلة إلينا من أطراف الكون، وتبين أنها غير متجانسة تماما بل تقسم الكون إلى نصفين، أحدهما فوق مستوى المجموعة الشمسية والأخر تحته، حيث بينت هذه البيانات أن درجة حرارة النصف الجنوبي للكرة الكونية أعلى قليلا من متوسط درجة حرارة النصف الشمالي لهذه الكرة. مما يجل المستوى الذي يشكل المجموعة الشمسية هو المستوى الذي يمثل منتصف الكرة الكونية الضخمة، وبالتالي فتمثل منطقة مركزية منه، وحيث إن الأرض تقع ضمن هذا المستوى، فهي إذن تقع في موقع مركزي بالنسبة للكون برمته. في الحقيقة إن نتائج هذه المجسات الثلاثة وعلى الخصوص مجس بلانك الفضائي لم تشكك فقط في مبدا كوبيرنك و النموذج الاساسي للكون وإنما في أصل نظرية الانفجار العظيم، حيث إن من مسلماتها الأساسية أن يكون الكون متجانسا تماما بغض النظر عن الاتجاه طالما أخذنا في الاعتبار مقاييس فلكية كبيرة جدا. ولعل هذا التشكيك من أسباب تسمية المحور المشار إليه بمحور الشر، حيث وضع نظريات مهمة على المحك وسبب لها إزعاجا وتحديا لم يكن أحد يتوقعه.

باختصار لقد كشفت بيانات المجسات الثلاثة على التوالي، وتواترت على ان الأشعة الكونية القادمة من أطراف الكون البعيدة تصف كونا له نصفان، نصف جنوبي ونصف شمالي (أو نصف في الأسفل وآخر في الأعلى) والمنصف هو المستوى الذي تقع فيه كواكب المجموعة الشمسية، والذي هو بدوره يقع ضمن درب التبانة الذي يحتوي على ما يقدر بـ 100 إلى 400 بليون نجم، وقطر يقدر بين 150 ألف و 200 ألف سنة ضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء الذي سرعته 300 الف كم في الثانية خلال سنة)، وأما سمك قرص المجرة فيقدر بـ 2000 سنة ضوئية.


ملاحظات جانبية:

تأملت في خلق الله – سبحانه وتعالى – للكون وللأرض والأنسان، فرأيت أن الإنسان في الحقيقة في مركز قفص كبير اسمه الكون ! نحن في الحقيقة في مركز كرة لا نستطيع الهروب إلى خارجها! وأين المهرب؟ عندما أراد الله – عز وجل – أن يعاقب آدم عليه السلام ومعه إبليس أهبطهما من الجنة إلى الأرض. وهنا يظهر الضعف الحقيقي للإنسان، إنه ضعيف من كل جانب، فهو محاصر زمانيا بعمره القصير الذي ينتهي رغما عن أنفه، ومحاصر مكانيا بوجوده على ظهر الأرض محاصرا بالكون من كل اتجاه ولا يمكنه التخلص من الأرض والهروب منها، فلا طعام ولا هواء ولا شراب إلا فيها. وهو أيضا محاصر هداية، فلا مجال لمصدر هداية إلا أن تأتيه من السماء، وأخيرا فهو محاصر بكون يتصرف فيها خالقه كما يشاء لا يملك الأنسان أي قدرة على رده، ولذلك يتحداه الله فيقول (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولإن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) فالإنسان لا يملك أن يمسك الأرض لو زالت فكيف بالكون كله. وبالرغم من سعي الإنسان الحثيث لمكان آخر غير الأرض، إلا أن كل جهوده باءت بالفشل، فهو مجبر بالإرادة الكونية لخالقه أن يعيش فيها حتى يموت (قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) فبعد هذا الضعف الشديد والاستكانة التي لا حدود لها، كيف يتكبر الإنسان؟ هل يتكبر المسجون؟ أم هل يتعالى المأسور؟ (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك، فسواك، فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك).


Comments


  • Twitter
  • YouTube

©2022 by الموقع الشخصي: ناصر بن صالح الزايد

bottom of page