top of page

اكتشاف مذهل: المجال الكهربائي للأرض دوره في الأيونوسفير والرياح القطبية والشفق القطبي

  • ناصر الزايد
  • 30 أغسطس 2024
  • 3 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 12 أكتوبر 2024

اكتشاف مذهل: المجال الكهربائي للأرض

دوره في الأيونوسفير والرياح القطبية والشفق القطبي

ناصر بن صالح الزايد



قبل أيام فقط عرفنا أن للأرض مجالا كهربائيا يحيط بها. فصار لدينا ثلاثة مجالات للأرض: المجال المغناطيسي، مجال الجاذبية الكونية، المجال الكهربائي.

كيف بدأت القصة؟

في عام 1960 تم إرسال مركبة فضائية فوق أقطاب الأرض لدراسة الرياح القطبية (التي تسبب الشفق القطبي). رصدت هذه المركبة حركة رأسية واضحة للجسيمات المشكلة لتلك الرياح، وهي عبارة عن غبار أيوني (أو قل حساء أيوني كما يفضله البعض). فقد لاحظوا تلك الحركة الواضحة باتجاه الأعلى، وتم رصدها ونشر تقرير بذلك. سارع العلماء بوضع نظرية تفسر هذا الأمر، فكانت تلك النظرية تعتمد على فكرة التفاوت في درجات الحرارة أو مبدأ الحمل الحراري (أي هناك ما يشبه الغليان، حيث تطفو الأجزاء الأسخن إلى أعلى والعكس).

مجال الأرض المغناطيسي

مجال الأرض الجذبوي

مجال الأرض الكهربائي

بهذا فقد فسروا أيضا ظاهرة الشفق القطبي. كيف تحصل تلك الظاهرة؟ عندما تتحرك الشحنات الكهربائية (سواء كانت سالبة أم موجبه) في ظل مجال مغناطيسي فإنها تتألق، أي تشع طاقة. وهذا الأمر مثبت بالتجربة. فبما أنه قد تم رصد حركة الأيونات وتم تفسير الظاهرة بما سبق، فقد وصلنا إلى تفسير (مقنع) لظاهرة الشفق القطبي.

تجارب ومشاهدات لاحقة حديثة أثبتت أن الأيونات المشكلة للرياح القطبية ليست حارة كما كان يعتقد، مما زاد من حيرتهم تجاه هذا اللغز، فإذن ليست ظاهرة اختلاف درجات الحرارة (الحمل الحراري) هي المسؤولة عن حركة الأيونات إلى الأعلى بسرعات تفوق سرعة الصوت، وبالتالي فلا علاقة لذلك بظاهرة الشفق القطبي ايضا.

حديثا قامت بعثة علمية دولية أطلق عليها بعثة إندورانس مدعومة من وكالة ناسا NASA’s Endurance mission  بإطلاق صاروخ خاص لدراسة الظاهرة من منطقة قريبة جدا من القطب الشمالي بغرض تتبع تلك الأيونات والتعرف على أسباب حركتها التي تفوق ما يمكن أن تصل إليه لو كانت الحرارة فقط هي السبب في ذلك. تم نشر البحث في مجلة نيتشر، ونظر إليه العلماء على أنه اختراق علمي كبير، حيث إن إضافة المجال الكهربائي للأرض سوف يساهم في تفسير أمور كثيرة متعلقة بالأرض ونشأتها والحياة على ظهرها. يقول قلن كولنسن، رئيس الفريق البحثي "هناك شيء ما يسحب الأيونات إلى الأعلى باتجاه خارج الغلاف الجوي". كان بعض العلماء قد طرح إمكانية وجود مجال كهربائي ولو ضعيف جدا، غير أن التقنيات المتوفرة حتى وقت قريب كانت غير قادرة على إثبات هذه الدعوى. لكن كولنسن وفريقه فكروا في اختراع جهاز فائق الدقة مخصص لقياس هذا المجال وذلك ابتداء من العام 2016. بعد الانتهاء من صناعة هذا الجهاز وتجربته، قرر هذا الفريق إطلاقه من نقطة قريبة من القطب الشمالي، بواسطة صاروخ لا يبتعد كثيرا عن الأرض، ويمكنه الحركة في نفس اتجاه الرياح القطبية. تم إطلاق هذا الصاروخ في مايو 2022 من قاعدة قريبة من القطب الشمالي حيث وصل إلى ارتفاع 768 كم فوق سطح الأرض ثم وقع في بحر قرينلاند المجاور. أي أنه ظل لمسافة 520 كم ضمن تلك الرياح، وهي المسافة الفاصلة بين الطبقات الأقرب للأرض والطبقات العليا في الغلاف الجوي. أثبتت الأجهزة المضمنة للصاروخ وجود مجال كهربائي بقوة 0.55 فولت، وهي وإن كانت ضعيفة بالمقاييس الأرضية المعتادة، إلا أنها كافية على مدى كيلومترات من سحب الأيونات بالقوة التي تم رصدها سابقا. بل إن أيونات الهيدروجين (هيدروجين يفقد إلكترونه بسبب التأيين) يمكنها (نظريا وحسابيا) أن تتعرض بسبب هذا المجال إلى قوة تفوق 10.6 مرة قوة الجاذبية الأرضية التي تجذبها للأسفل. أي أن القوة لصالح الارتفاع تفوق كثيرا القوة لصالح النزول إلى سطح الأرض. الأيونات الأكبر، مثلا أيونات الأوكسيجين، تصبح على الأقل أخف إلى النصف منها بدون هذا المجال. باختصار فإن طبقة الأيونوسفير الأعلى في الجو تدين في ارتفاعها وزيادة كثافة الأيونات فيها بنسبة 271% إلى هذا المجال.


إطلاق صاروخ من قاعدة في جزيرة إسفلبارد بالقرب من النرويج

كيف ينشأ المجال الكهربائي للأرض؟ تسبب الرياح الشمسية تأيين بعض ذرات الهواء، وعلى الأخص ذرات الهيدروجين (عن طريق كشط الألكترونات منها). بسبب أن الأيونات أثقل من الإلكترونات، فإنها تنغمس أكثر بالقرب من الأرض، في حين أن الإلكترونات تطفو إلى أعلى. وجود شحنات متخالفة يقود إلى مجال كهربائي باتجاه الأعلى بقوة 0.55 فولت تقريبا. هذا المجال يسحب معه الأيونات إلى الأعلى بقوة تفوق جاذبية الأرض. يظل هناك صراع لا يتوقف بين القوتين و بين الأيونات، حصيلته تظل لصالح رفع الأيونات وتكثيفها في طبقة الأيونوسفير.

من الآن فصاعدا سوف يدخل المجال الكهربائي للأرض في تفسير كثير من الظواهر، اللافت أنه بالرغم من أنه في أرضنا ومؤثر على حياتنا، وواضح وضوح الشمس، ومع ذلك احتجنا إلى 60 سنة حتى نتأكد من وجوده. هل تتوقع أن تكون الأخبار الفضائية والأطروحات العلمية عن الأجرام البعيدة جدا جدا دقيقة بما يكفي؟ الأمر يحتاج إلى تأمل.


فيديو يوضح كيف يتم التأيين


تعليق لابد منه:

تلاحظون من هذا المثال الصارخ كيف يقيد العلماء أنفسهم بنظرياتهم؟ إنها تصبح سجنا لا يسهل الخروج منه. عندما فسروا - نظريا - سبب حصول ظاهرة الرياح القطبية بحركة الأيونات تحتد تأثير الحمل الحراري، أغلقوا على العقل أن يتأمل في أسباب أخرى. ليس في كل مرة تظهر مؤشرات قوية على خطأ النظرية، ولهذا تسود النظرية لفترة قد تطول، وقد نحتاج إلى عملاق أو عمالقة يجرؤون على اتهام النظرية بالخطا، وهو أمر ليس بالسهل.




فيديو للفريق المكتسشف

References:

Komentar


  • Twitter
  • YouTube

©2022 by الموقع الشخصي: ناصر بن صالح الزايد

bottom of page