top of page

هل تنهار مملكة أمازون في نهاية المطاف؟

  • ناصر الزايد
  • 4 نوفمبر 2022
  • 7 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: 5 نوفمبر 2022

هل تنهار مملكة أمازون في نهاية المطاف؟

أ.د. ناصر بن صالح الزايد

12 رجب، 1442 هـ (24 فبراير 2021)


ملخص: سوف أبين في هذا العرض أن أدوات شركة أمازون لم تصبح أدوات خاصة بها بل هي متوفرة لدى الجميع، ولا يوجد أي مبرر لاستمرارها في استقطاب التجارة العالمية، مع ذكر مؤشرات على التحدي الذي سوف يواجه الشركة. في نهاية المطاف التجارة الإلكترونية هي حرب رقمية، والحرب لها أدواتها، والتفوق هو في إمكانية الاحتفاظ بمميزات تنافسية. باختصار سوف تؤول التجارة الإلكترونية إلى صورة مشابهة للتقليدية (أي ستكون كل منطقة وإقليم وبلد له شركاته) ولكن بصورة إلكترونية.


تعريف بشركة أو موقع أمازون:

أمازون هي شركة أمريكية موجودة في مدينة سياتل من ولاية واشطن الأمريكية. أنشأ هذه الشركة الضخمة رجل اسمه جيف بيزوس في العام 1994 حيث كانت وقتها متخصصة ببيع الكتب فقط، لكنها سرعان ما توسعت وشملت جميع البضائع لاحقا وكذلك الخدمات والبرامج والالعاب. في العام 2015 تفوقت على شركة وول مارت الأمريكية التي تبيع البضائع بصورة تقليدية، وكان ذلك يمثل ضربة قاسية للتجارة التقليدية، حيث الضربات ما زالت تتوالى وتقود إلى إغلاقات الشركات تباعا. في العام 2018 تجاوز عدد المسجلين لديها حاجز 100 مليون.

ree

المحاور التقنية والتجارية:

شركة أمازون اخطبوط متعدد الأذرع والاهتمامات، فلا تتوقف عند حد بيع وتسويق البضائع، بل تتعدى ذلك إلى اهتمامات أخرى. بشكل عام تقع الاهتمامات في المحاور التالية:

المحور الأول: تجارة البضائع التقليدية (تحت مسمى التجارة الإلكترونية)

هذا هو صلب اهتمام الشركة وهو الذي انطلقت منه واتسعت بعد ذلك. ومعظم هذا الجانب يغطيه الشركات الصغيرة الأخرى أو حتى الأفراد، وذلك باستخدام منصة أمازون بالإضافة إلى مستودعاتهم التي تخزن فيها البضائع بشكل مؤقت. تكلف هذه الخدمة البائعين 150 ريالا في الشهر بغض النظر عن حجم تجارتهم. وهذا تغير كبير في طريقة الرسوم التي كانت تؤخذ بالنسبة المئوية.


المحور الثاني: الفضاء السحابي Cloud Computing

تبين الصورة التالية أهم العناصر التي تدخل في عالم أمازون السحابي:


ree

فهي تقدم إمكانية التخزين السحابي بما في ذلك تخزين المحتوى، وإمكانية الحوسبة السحابية باستخدام برامج التشغيل المعروفة، وخدمات التطبيقات، وتحليل البيانات، وقواعد البيانات، والشبكات، وكل ما يخدم ذلك من إدارة وتطوير. أسعار هذه الخدمات تعتمد بشكل كبير على عوامل متداخله، ولذا فمن الصعب إعطاء أرقام، ولكن كمثال: إنشاء حاسوب سحابي باستخدام نظام لينكس يملك معالجين وذاكرة عشوائية 8 جيجا يكلف 10 سنتات (38 هللة) للساعة (270 ريالا بالشهر). وهذا هو أقل ما توفره. حتى الآن تعتبر الشركة الأولى في مجال الخدمات السحابية عالميا (مقيسا بحجم المداخيل)


المحور الثالث: البث الرقمي Digital Streaming

ويشمل ذلك البث المباشر لأفلام الفيديو والصوتيات (مثلا الكتب الصوتية). لا تمثل حصة أمازون نسبة كبيرة في هذا السوق، وتواجه تحديا واضحا من الشركات المتخصصة على رأسها نتفلكس ويوتيوب، علما بأن يوتيوب (قوقل) بدأت حديثا في هذا المجال


ree


المحور الرابع: عالم الصناعة وخاصة الإلكترونيات

منذ عام 2007 و صناعات أمازون تتوالى، ففي ذلك العام أعلنت عن القارئ الإلكتروني (كندل)، ثم اضافت حاسوبها اللوحي في العام 2011، وطورته في العام التالي. في عام 2014 أعلنت عن جهاز التلفزيون المسمى فاير. في نفس العام دخلت عالم الهواتف الذكية حيث أصدرت فاير فون والذي توقف لاحقا. إضافة إلى بعض القطع الالكترونية الأخرى.


محاور أخرى متنوعة:

تملك الشركة نظام شحن خلال يومين يسمى برايم، وستوديو للألعاب، ولها باع في النشر، وخدمات لرجال الأعمال، وتوفر خدمة أمازون درايف (تشبه خدمة قوقل درايف). كما أن للشركة سلسلة من المحلات المتخصصة بالطريقة التقليدية مثل بعض محلات بيع الكتب. بل إنها دخلت حتى في خدمات المنزل مثل أعمال السباكة والكهرباء وتركيب الأجهزة الإلكترونية بل وحتى العناية بالحدائق المنزلية! ومن آخر إقلاعات الشركة اللامحدودة دخولها في عالم الدفع الإلكتروني عن طريق نظام أمازون كاش حيث تسهل عملية إيداع الكاش والاستفادة منه في المشتريات.


الأخطار التي تتهدد الشركة وقد تقود إلى تحديات كبيرة:

بدأت في الفترة الأخيرة تتصاعد وتيرة التذمر من تعملق الشركات الالكترونية وعلى رأسها شركة أمازون. ففي عريضة قدمتها السناتور الأمريكية إليزابيث وارن فقد طالبت بوضع قيود على تلك الشركات التي قالت إنها صارت مثل البلدوزر يدمر كل ما في طريقه، ويدمر التنافسية، ويقضي على الشركات الصغيرة. واتفقت معها النائبة الاكساندريا أوكاسيو-كورتز حيث قالت إن جيف بيزوس يملك المليارات ولا يصرف إلا النتف على موظفيه الذين يواجهون الجوع. وهذا الطرح يتفق أيضا مع ما طرحه السناتور بيرني ساندرز في هذا السياق.

ولعل هذا يعطي بعض المؤشرات غير السارة للشركة، فلا أحد يستفيد فعليا من تكدس المليارات بيد بضعة أشخاص في حين تواجه الشركات الصغرى الإفلاس ويتبعها موظفوها ومالكوها.

أول ما ظهرت الشركة أصابت الشركات الأخرى بالصدمة القوية، فترنحت تلك الشركات وأغلق معظمها، خاصة تلك الشركات التي ليس لديها خبرة ولو متواضعة بالتسويق الإلكتروني. ولكن مع مرور الوقت ونضوج تلك الشركات ومعرفتها بسهولة التسويق الإلكتروني، فقد بدأت تمتص تلك الصدمة بالتدريج. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن شركة وول مارت الأمريكية، والتي كانت تتربع على قمة تجارة التفريد والجملة في تلك البلد حتى وقت قريب، قد واجهت التحدي الشديد من أمازون وكادت تتهاوى لولا أنها تماسكت أخيرا وصارت تستخدم نفس التقنيات، بل استخدمت فروعها الرئيسية كمحطات شحن، فأضافت لخبرتها الطويلة في توفير البضائع الرخيصة، ميزة التسويق الإلكتروني. وكذلك سلكت شركات أخرى مثل شركة تارقت، وشركة بست باي. الأخيرة بدأت تقلص من المساحات التي تحتاجها لتوفير المال وتستعيض عن ذلك بالخدمات الإلكترونية.

تأمل في الشكل البياني التالي وتذكر أن تفوق أمازون على وول مارت تم في 2015

ree

تلاحظ من الشكل السابق مرحلتين مهمتين: مرحلة الصدمة وهي تزايدت خلال السنوات من 2014 حتى بداية 2016 حيث تغيرت استراتيجيات الشركة وتحسنت مداخيلها بشكل متصاعد (بالتأكيد على حساب شركات أخرى منها أمازون). ماذا حصل في تلك الفترة؟ في المرحلة الثانية قامت وول مارت بالاستحواذ على شركة jet.com المتخصصة في التجارة الإلكترونية. تلا ذلك الاستحواذ على شركة shoebuy.com و شركة moosejaw.com وهي شركات لديها خبرة في التجارة الإلكترونية. بعد ذلك استحوذت الشركة على modcloth.com فضمتها لطاقمها الإلكتروني. لعل هذا يوحي بطبيعة الحرب المستعرة. لم تستسلم شركة وول مارت بل نهضت وتحدت وسحبت جزءا من البساط من تحت عملاق أمازون.

تجربة وول مارت تشبه إلى حد كبير تجربة مكتبات جرير، وهي الجمع بين المعارض والتسويق الألكتروني، وبذلك تكسب السوق المحلي وتفتح الآفاق أمام الجيل الجديد الراغبين في الشراء أون لاين. أعتقد أن تجربة جرير تعد من أروع التجارب، كونها استفادت من خبرتها التسويقية، ووظفتها بصورتها الإلكترونية، وفي نفس الوقت وفرت الوظائف لأعداد كبيرة من العاملين لديها. إن قرب معارض جرير من الزبائن يعطي شعورا بالأمان والثقة حتى لو كان الشراء ألكترونيا.

لعل هذا يقودني إلى التعرض لطبيعة تلك المعركة التي أشرت إليها للمرة الأولى أعلاه. إنها معركة رقمية بامتياز، أدواتها رقمية، وعالمها رقمي، وتعتمد على نفس المبادئ الرئيسية للتجارة التقليدية (إرضاء الزبون، وتقليل الأسعار)، غير أن الخبرة والسبق لعبا دورا كاسحا في السنوات الأولى لصالح البعض.

وبما أننا أشرنا لأدوات المعركة، فنطرح سؤالا جوهريا: هل تستطيع أمازون أن تستمر في تربعها على قمة العرش؟ بما أن إرضاء الزبون هو في نهاية المطاف الحلبة الرئيسية للتحدي ومعها تنافسية الأسعار، فما الذي سيضمن لأمازون استمرارها في كسب هذين المبدأين؟

كما ترى – عزيزي القارئ – من السهل على أي أحد أن يقوم بإنشاء متجر الكرتوني، ومن السهل على هذا المتجر أن ينمو بسرعة البرق، ويشارك بالتالي في سحب البساط من تحت أقدام أخطبوط أمازون ولو جزئيا. إن التقنيات التي كانت غامضة في السابق صارت اليوم معروفة للجميع، وتحولت المعركة ذات الأسلحة الغامضة إلى معركة مكشوفة، وصارت تغري الكثيرين إلى خوض غمارها وعرض أفكارهم. بالنسبة للشركات الكبرى، فالتزاماتها صارت تتضخم، مما يفقدها بعض مميزات التنافسية، فالشركات التقليدية بمجرد أن تضيف لنفسها بعدا إلكترونيا، فإن هذا سيحافظ عليها، وسيقوي جانبها، وهي تملك بالفعل كل أدوات التسويق والتحدي.

لعل من أهم مؤشرات الألم الذي صارت أمازون تشعر به، هو تغيير سياستها مع المتاجر، حيث كانت تأخذ نسبة عالية تصل إلى 25% في بعض الأحيان، وها هي الآن تراجعت وصارت تأخذ مبلغا زهيدا (150 ريالا فقط في كل شهر) وهذا لا شك يقلل من مداخيلها، ولكنه يشير إلى أنها تخاف أن تفقد السوق مقابل شركات تطلب رسوما وعمولات أقل. إذن هنا وضعنا اليد على أحد الأخطار، ألا وهو أن قدرة غيرها على توفير فرص أفضل للمسوقين، خاصة ما يتعلق بانخفاض الرسوم المطلوبة قد يغريهم بالتحول وترك أمازون.

هناك مشكلتان عويصتان تتعلقان بالتجارة الإلكترونية: طرق الدفع، وطرق التوصيل. وكلا من هاتين الطريقتين تقدم مقابل رسوم. وكما نلاحظ فإن طرائق الدفع خرجت من قمقمها التقليدي (مثلا بطاقات الائتمان) إلى عالم أرحب وأوسع فصارت طرق الدفع توفر من جهات لا تحصى، ففقدت تلك الشركات التقليدية ميزتها التي تربعت عليها عقودا طويلة. إنها تقنية كانت خاصة بهم واليوم صارت كل الدول توفر لشعبها ما يلزمه من طرق الدفع. ونفس الكلام ينطبق على البريد والتوصيل والشحن، فقد دخل فيها أطراف جديدة وتعددت قنواتها، مما فتح الباب أمام أضعف الكيانات لكي يسوق بضاعته بأبخس الأثمان.

فكما يبدو إذن، فترة الصدمة تلاشت أو كادت، وانتبه الجميع إلى كنوز الذهب الإلكترونية، ولا يوجد مبررات أو قيود حقيقية تقفل الطريق أو حتى تضيقه على غير شركة أمازون. فطرق الدفع متاحة للجميع، وطرق التسويق كذلك، ومصادر بضائع الجملة لا تفرق بين عمرو وزيد. ولهذا فإن من السيناريوهات، أن تتقلص الأبعاد الدولية لشركة أمازون، وتنكفئ على نفسها وتصبح مقتصرة على التسويق المحلي، وتقوم شركات محلية في كل دولة وكل إقليم يسحب البساط لصالحه، كونه ابن المنطقة ويتمتع ببعض المميزات الخاصة. أي يعود الوضع كما كان سابقا، سوى أنه يلبس ثوبا إلكترونيا.

باختصار، لا يوجد مبررات ولا أسباب جوهرية تجعل من أمازون البطل الذي لا يقهر، وحرص حكومات العالم على مصالح شعوبها، ستقودها في النهاية إلى وضع العراقيل أمام العملة الصعبة لكي لا تستمر بالتدفق باتجاه مدينة سياتل، خاصة وأن ذلك اقترن بفقد الوظائف أيضا. هل يعقل أن تكون بضاعة ما تصل من أمريكا أرخص من إرسالها من قلب الرياض؟ طبعا لا، ولذلك سارعت أمازون بشراء souq.com وقلبتها أمازونية صرفة. لم لا تخرج شركات أخرى من قبل أصحاب الأرض تتحدى أمازون؟ أليس أهل مكة أدرى بشعابها؟ ولدينا بعض الأمثلة الناجحة منها شركة جرير كما سبق، ومنها شركات مثل أكسترا، والمنيع وغيرها. أما سوق نون المتخصص في التجارة الألكترونية فهو أفضل مثال. ولعل في تصريح الأستاذ محمد العبار، مؤسس منصة نون، بتوجه الشركة إلى المساهمة العامة، وفتح أسواق في دول أخرى ما يؤكد ماذهبنا إليه [i]. وهاهي شركة إعمار مولز الأماراتية تدشن الموقع الألكتروني لـ دبي مول على منصة نون وذلك في منتصف العام المنصرم. لقد كان لتوفر شركة توصيل ذات خبرة هي أرامكس، وطرق دفع مبتكرة مثل مدى، الدور الأكبر في إنجاح مشاريع مثل نون وجرير، وهي الأدوات الرئيسية في مثل هذه المشاريع.

مثال: لشراء يد بلاي ستيشن بالمواصفات: DualShock 4 Wireless Controller For PlayStation 4

جرير

نون

أمازون

305

1-3 أيام

شحن مجاني

220 (مخفض من 316)

يومين

شحن مجاني

290

ثلاثة أيام

12 ريال توصيل

بمقارنة الأسعار قبل تخفيض نون: أمازون: 302، نون 316، جرير 305. هناك ميزتان للسوق المحلي: استخدام بطاقة مدى في الدفع، التوصيل أسرع. العميل الذي يهمه السعر فقط سوف يختار نون بكل تأكيد. إذن إمكانية تقديم خدمات أفضل لدى الأسواق المحلية ممكنة، وإمكانية سحب العملاء أمر وارد كما ترى.



[i]https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/1315221

تعليقات


  • Twitter
  • YouTube

©2022 by الموقع الشخصي: ناصر بن صالح الزايد

bottom of page